السؤال الأول: هل كان السيد المسيح يعرف مسبقاً بأنه سيموت على الصليب؟
والإجابة هي بكل تأكيد نعم، حسب النصوص الكتابية التالية:
* يقول السيد المسيح لتلاميذه متنبئاً عن موته ثلاث مرات: "ها نحن صاعدون إلى أورشليم حيث سيسلم إبن الإنسان ويتألم ويموت، وفي اليوم الثالث يقوم".
* في بستان الزيتون يقول: "إذا كان مستطاع يا أبتِ أن تعبر عني هذه الكأس ولكن لا تكن مشيئتي بل مشيئتك" (الكأس هنا تعني الألم والصلب).
* عندما طلب منه اليهود آية (أي أعجوبة) أعطاهم آية يونان: "هذا الجيل الفاسد يطلب آية ولن يعطى إلا آية يونان: فكما أن يونان بقي في بطن الحوت ثلاثة أيام، كذلك سيكون ابن الإنسان في القبر ثلاثة أيام ".
* عندما طرد الباعة من الهيكل قال لليهود: "اهدموا هذا الهيكل وأنا سأبنيه في ثلاثة أيام" (وكان يعني بذلك هيكل جسده).
* بعد التجلي: أوصى يسوع تلاميذه بأن لا يقولوا لأحد ما حدث إلا بعد أن يقوم ابن الإنسان من بين الأموات.
السؤال الثاني: إذا كان السيد المسيح هو ابن الله وهو الله، فهل الإله (الله) يموت؟ كما أن السيد المسيح مات موت المجرمين على خشبة الصليب، ولكن العقل البشري يثور لمجرد التفكير في هذا الواقع المرير: إله يموت؟؟
للاجابة على هذا السؤال القوي، لا بد من الأخذ بعين الاعتبار الملاحظات التالية: لانه اذ كان العالم في حكمة الله لم يعرف الله بالحكمة استحسن الله ان يخلّص المؤمنين بجهالة الكرازة. لان اليهود يسألون آية واليونانيين يطلبون حكمة.ولكننا نحن نكرز بالمسيح مصلوبا لليهود عثرة ولليونانيين جهالة. واما للمدعوين يهودا ويونانيين فبالمسيح قوة الله وحكمة الله. لان جهالة الله احكم من الناس. وضعف الله اقوى من الناس ...بل اختار الله جهال العالم ليخزي الحكماء. واختار الله ضعفاء العالم ليخزي الاقوياء. واختار الله ادنياء العالم والمزدرى وغير الموجود ليبطل الموجود لكي لا يفتخر كل ذي جسد امامه. (1 كورنثوس 1: 23-27)
- نحن المسيحيين لا نستغرب هذا الواقع لأن السيد المسيح لم يمت كونه إلهاً – لأن الإله لا يمكن أن يموت، فحاشا له هذا – ولكنه مات بوصفه إنساناً: أن للمسيح طبيعتان: إلهية وبشرية، الموت وقع على طبيعته البشرية.
- لقد ارتضى السيد المسيح الموت حباً وطوعاً تمجيداً للآب بفداء البشرية من العذاب الأبدي في جهنم. "ليس لاحد حب اعظم من هذا ان يضع احد نفسه لاجل احبائه."
- المسيح نفسه أشار إلى ذلك قائلاً: "من أجل هذا يحبني الآب لأني أبذل نفسي لآخذها أيضاً. ليس لأحد أن يأخذها مني ولكني أبذلها باختياري، ولي سلطان أن أبذلها ولي سلطان أن آخذها أيضاً. هذه الوصية التي قبلتها من أبي".
- لقد قرَّب المسيح نفسه لله أبيه تكفيراً عن إخوته البشر : فكما أن الخطيئة دخلت بمعصية آدم الأول، فكذلك الخلاص دخل البشرية في آدم الثاني يسوع المسيح، كما جاء في الوعد الكتابي لأمنا حواء: " نسلك يسحق رأس الحية".
- كان يجب أن يكون الفادي إلهاً لكي يستطيع أن يوفي العدالة الإلهية الا محدودة ليفدي ويكفر عن خطايا كل من يؤمن به ، وكان يجب أن يكون إنساناً لكي يستطيع أن يموت. فلو كان إنساناً فقط لما استطاع أن يخلص البشرية، ولو كان إلهاً فقط لما استطاع أن يموت لأن الإله روح محض ليس للموت عليه من سلطان.
إذا: فداء المسيح بيّن الحب الإلهي العظيم لبني البشر أجميعين.
السؤال الثالث: لماذا اختار السيد المسيح الموت على الصليب كأداة للخلاص؟ ألم يكن بإمكانه أن يخلص البشر بطريقة أخرى دون أن يقاسي هذه الآلام الكبيرة؟
الجواب هو: ان نفس الجسد هي في الدم فانا اعطيتكم اياه على المذبح للتكفير عن نفوسكم.لان الدم يكفّر عن النفس. إن دم يسوع البار القدوس غير محدود في قيمته، لأن الغير المحدود يستطيع ان يفي مطالب العدالة الإلهية الغير محدودة.، أما المحدود فلا يقدر ان يفي اللا محدود. فلنسمع ما تقوله كلمة الله عن قوة دم يسوع. يقول الكتاب: ‘‘دم يسوع المسيح ابنه يطهِّرنا من كل خطية!’’ (1يو 7:1)
هناك قاعدة تقول: "إن الإهانة على قدر المهان، والتكفير يجب أن يكون على قدر الإهانة وعلى مستوى المهان"، من هنا كان يجب أن يكون المخلص على مستوى القدرة للقيام بالمصالحة المطلوبة، لأن الخطيئة هي خطيئة عصيان والمهان هو الله بالذات، ولا يستطيع أي بشري أن يجري المصالحة بين البشرية والله إلا بتكفير لائق بمستوى الله يوفي مطالب العدالة الإلهية الغير محدودة على أكمل وجه.
‘‘عالمين أنكم أُفتُدِيتم لا بأشياء تفنى، بفضة أو ذهب، من سيرتكم الباطلة التي تقلَّدتموها من الآباء. بل بدم كريم، كما من حملٍ بلا عيب ولا دنس، دم المسيح. معروفاً سابقاً قبل تأسيس العالم، ولكن قد أُظهِر في الأزمنة الأخيرة من أجلكم، أنتم الذي به تؤمنون بالله الذي أقامه من الأموات، وأعطاه مجداً، حتى إن إيمانكم ورجاءكم هما في الله.’’ (1بط 18:1-21)
لأن فصحنا، المسيح، قد ذُبِح لأجلنا.’’ (1كو 7:5) ‘‘لأنه جعل الذي لم يعرف خطية، خطيةً لأجلنا؛ لنصير نحن برَّ الله فيه.’’ (2كو 21:5)
وايضاً ظهر لنا أن موت المسيح وقيامته هو الإنجيل ، فالمسيح لا يكتفي بالكلام فقط بل طبق تعاليمه بالعمل. علم المحبة وطبقها إلى أقصى الحدود: "لا تكن محبتنا بالكلام أو باللسان بل بالعمل والحق".
الصليب هو تدبير الله للخلاص. نعم الصليب أداة ضعف وعار، ولكنه بنفس الوقت قوة الله للخلاص،“لانه اذ كان العالم في حكمة الله لم يعرف الله بالحكمة استحسن الله ان يخلّص المؤمنين بجهالة الكرازة.” (1 كورنثوس 1: 21 )
فإننا نفتخر بصليب ربنا يسوع المسيح كما يقول بولس: “واما من جهتي فحاشا لي ان افتخر الا بصليب ربنا يسوع المسيح الذي به قد صلب العالم لي وانا للعالم.” (غلاطية 6:14 )
وكما قال الفيلسوف بسكال: "إني أحب الصليب بسبب يسوع المصلوب عليه، وأحب يسوع بسبب صليبه الذي احتمله من أجلي".
أخيراً، إذ نتأمل بعمل ربنا يسوع المسيح الفدائي لأجلنا، نرى فيه درساً بليغاً في الحب المتجلي يجذب القلوب "وأنا إذا ارتفعت عن الأرض أجذب اليَّ الجميع"، نسجد لك يا فادينا ومخلصنا يسوع المسيح لأنك بموتك الكفاري عن كل منا صالحتنا مع الآب وكسبت لنا الخلاص من سلطان الخطيئة وقوتها ونتائجها ذات البعد الأبدي، وصار بإمكان كل من يؤمن بك النجاة من الدينونة ونوال الحياة ابدية.